حين تُصبح الثقافة تابعًا… لا صوتًا

الحصاد 36023 أبريل 2025آخر تحديث :
حين تُصبح الثقافة تابعًا… لا صوتًا
حين تُصبح الثقافة تابعًا… لا صوتًا

بقلم الاعلامية والكاتبة سمية مسرور

هناك من يدخل المجال الثقافي لا بحثًا عن المعنى، بل عن المنبر.
لا عشقًا للمعرفة، بل رغبة في التأثير والتوجيه وفق أجندة مسبقة.
وهناك من يحوّل الثقافة من مجال للتفكير الحر إلى أداة ترويج، ومادة تابعة للمزاج السياسي ومناخاته المتقلبة.

هذه الشخصية لا ترى في الثقافة مشروعًا تحرريًا، بل مسرحًا للولاء.
ولاؤها لا يكون للفكرة، بل للموقف السياسي الذي تمثّله، أو تُريد فرضه.
تُحاكم النصوص لا بناءً على قوتها الفكرية أو جمالياتها، بل بناءً على مدى انسجامها مع “خطّها”…
فتُقصي المختلف، وتُقرب المطيع، وتُكافئ من يصفّق.
هذه التبعية لا تقتل الثقافة فحسب، بل تُفرغها من قدرتها على التأثير الحقيقي.
لأن الثقافة التي لا تزعج، لا تُغيّر.
والثقافة التي تخضع، لا تُقنع.

الشخصية التي تمثل هذه السطوة، تُعيد إنتاج علاقات القوة داخل الفضاء الثقافي، فتصبح الندوات، والمقالات، والجوائز، وحتى الفُرص… رهائن لنفوذها، وأدوات في خدمة رؤيتها الضيّقة.

لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم:
هل نريد ثقافةً حرة، تمشي على قدميها، وتقول “لا” حين يجب أن تُقال؟
أم نريد ثقافةً تتبع السياسة في كل خطوة، تُصفّق لها، وتُمجّدها، وتتحول تدريجيًا إلى صورة باهتة في هامش السلطة؟

إن الثقافة لا يجب أن تكون بوقًا.
ولا تابعًا.
ولا ظلًا.

الثقافة وُجدت لتضيء، لا لتُغطّي.
لتسأل، لا لتُصفّق.
ولتُنقّب عن المعنى في أكثر الأماكن هشاشة… لا لتغطي التصدّعات بشعارات زائفة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.