
بقلم سمية مسرور
في مشهد سياسي مغربي لا يخلو من المفاجآت، عاد عبد الإله بن كيران إلى واجهة المشهد، منتخبًا من جديد أمينًا عامًا لحزب العدالة والتنمية، بعد مرحلة اتسمت بالتحولات الداخلية والخارجية التي عصفت بالحزب، خصوصًا عقب نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2021 التي كانت بمثابة زلزال انتخابي قَلَب موازين الحزب الإسلامي الذي تصدّر المشهد السياسي لعقد من الزمن.
عودة بن كيران إلى القيادة ليست مجرد تداول روتيني على المسؤوليات، بل هي مؤشر عميق على رغبة القواعد الحزبية في استعادة البوصلة وإعادة ترميم الثقة، سواء داخليًا مع المناضلين أو خارجيًا مع الشارع المغربي. إذ يرى كثيرون أن شخصية بن كيران الكاريزمية وخطابه المباشر والشعبي قادران على إعادة ضخ الحياة في جسد الحزب الذي أصابه الإعياء.
عبد الإله بن كيران، الذي سبق أن قاد الحكومة المغربية بعد تصدر حزبه انتخابات 2011 و2016، لطالما تميز بخطابه السياسي المتفرد، القريب من نبض الشارع، مع حفاظه على التوازن بين المرجعية الإسلامية والبراغماتية السياسية. واليوم، مع عودته إلى دفة القيادة، تُطرح أسئلة كثيرة حول قدرة الحزب على استعادة موقعه السياسي في ظل مشهد تغيرت معادلاته وتزايدت فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
صعود بن كيران مجددًا يعكس أيضًا صراع التوجهات داخل الحزب، بين جناح يدعو إلى التجديد والانفتاح، وآخر يرى في العودة إلى الجذور والرموز التاريخية سبيلًا للنهضة. وبين الرؤيتين، يبدو أن خيار العودة إلى “القائد القديم” كان بمثابة استنجاد بخبرة رجل أثبت في محطات سابقة قدرته على عبور الأزمات الكبرى.
ورغم أن الطريق أمام العدالة والتنمية لن تكون سهلة، فإن وجود شخصية مثل عبد الإله بن كيران على رأس الحزب، يمنح الكثيرين بصيص أمل في إعادة رسم معالم مرحلة جديدة، تتطلب مصارحة مع الذات أولًا، ثم مصالحة مع المواطن المغربي الذي انتظر الكثير وخابت توقعاته في محطات سابقة.
المرحلة المقبلة ستكشف ما إذا كان صعود بن كيران مجرد لحظة عاطفية داخل الحزب، أم بداية فعلية لعودة سياسية محسوبة ومدروسة.