بين الترقية الاجتماعية والتحديات المعيشية.. العامل المغربي في مرآة 1 ماي

الحصاد 3601 مايو 2025آخر تحديث :
بين الترقية الاجتماعية والتحديات المعيشية.. العامل المغربي في مرآة 1 ماي

بقلم: سمية مسرور

مع حلول فاتح ماي، اليوم الذي يُحتفل فيه بالعامل في جميع أنحاء العالم، تُرفع الأعلام ويُستذكر الجهد والتضحية. ولكن، إذا ما توقفنا لحظة لننظر إلى واقع العامل المغربي، ندرك أن هذه المناسبة، مهما كانت رمزية، لا تكفي. فالأمر يتطلب أكثر من مجرد كلمات وشعارات، بل إرادة سياسية واجتماعية حقيقية لتطبيق العدالة المهنية على الأرض.

إصلاحات متجددة: خطوة للأمام، لكن هل تكفي؟
شهد المغرب في السنوات الأخيرة دينامية إصلاحية واضحة، تَجَسَّدت في أوراش اجتماعية واقتصادية طموحة، شملت العديد من المجالات مثل الحماية الاجتماعية، التغطية الصحية، وتوسيع دائرة الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات. وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة عن زيادة جديدة في الأجور، تشمل موظفي القطاع العام والخاص، بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب. هذه الزيادة، التي تصب في مصلحة العديد من الأسر المغربية، تأتي في وقتٍ حساس، حيث يعاني المواطنون من غلاء المعيشة وتدني القدرة الشرائية.

زيادة الأجور: بين الأمل والتحديات
الزيادة في الأجور تُعتبر خطوة إيجابية تستحق التقدير. هي بارقة أمل لكثير من الأسر المغربية التي تئن تحت وطأة التحديات الاقتصادية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه الزيادة ستكون كافية؟ وهل ستنعكس إيجابًا على واقع الحياة اليومية للعمال، خاصةً في ظل ارتفاع الأسعار المستمر؟

القطاع غير المهيكل: مغيب عن الاحتفال
ورغم هذه الزيادات، يظل واقع الكثير من العمال خارج نطاق هذه المبادرات. فهناك فئة واسعة من المغاربة يعملون في الاقتصاد غير المهيكل: في البيوت، الحقول، الورش الصغيرة، والأسواق المفتوحة. هؤلاء، رغم أنهم يشكلون جزءًا كبيرًا من الطبقة العاملة، إلا أنهم يظلوا خارج مظلة الحماية القانونية ولا يطالهم أي تحسن في الأجور أو حقوق العمل. يبقى عيد الشغل بالنسبة لهم مجرد مناسبة بعيدة لا تمس واقعهم المعاش.

الكرامة ليست هبة، بل استحقاق
إن العامل المغربي لا يحتاج إلى أن يُكرَّم بالكلمات فقط، بل بالقوانين والسياسات التي تضمن له حياة كريمة. الكرامة لا تُمنح كهدية في يوم معين، بل هي حق يستحقه كل عامل على مدار السنة، من خلال توفير شروط عمل لائقة، أجر عادل، وحماية قانونية تضمن له الأمان المهني والاجتماعي.

الأسئلة الحقيقية التي يجب أن نطرحها
قبل أن نرفع الأعلام ونحتفل، يجب أن نطرح الأسئلة الجوهرية:

هل يشعر العامل المغربي بالكرامة داخل بيئة عمله؟

هل يلمس تأثير جهده في تحسين مستوى معيشته؟

وهل توفر المنظومة التشغيلية في بلادنا الأمان المهني والنفسي للعامل؟

ماذا نحتاج اليوم؟
في عيد الشغل هذا العام، لا يكفي أن نحتفل بما تحقق من مكاسب جزئية، بل يجب أن نلتفت إلى ضرورة استكمال المسار نحو تكريس العدالة الاجتماعية والمهنية. نحن بحاجة إلى مغرب يُكرم العامل ليس بالكلمات فقط، بل بالقوانين، السياسات، والممارسات اليومية التي تُعزز حقوقه وتُحسن ظروفه.

الخلاصة:
إن عيد الشغل لا يُعتبر يومًا للخطابات والتعهدات المؤقتة، بل هو دعوة حقيقية للتغيير والالتزام الجاد تجاه العمال. عيد الشغل يجب أن يكون لحظة تفكير عميق في كيفية توفير بيئة عمل تحترم الإنسان وتقدّر جهده. حينها فقط، يمكن أن نحتفل بعيد الشغل بضمير مرتاح، حين يشعر الجميع بأنهم جزء من هذا الاحتفال.

كل عام وعمال المغرب بخير، كرامة وأمل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.