الفنان السياسي: صوت الشعب أم صدى المصالح؟

الحصاد 36012 مايو 2025آخر تحديث :
الفنان السياسي: صوت الشعب أم صدى المصالح؟

في عالمنا اليوم، لا تعدو السياسة كونها شأناً يخص السياسيين فحسب، بل باتت ساحة يتقاطع فيها الفن والفكر والتأثير الجماهيري. من هذا المنطلق، برز العديد من الفنانين ممن قرروا خوض غمار العمل السياسي، مستفيدين من شهرتهم وتأثيرهم الواسع، إما لنقل صوت الشعب أو لتحقيق طموحات شخصية. وهنا يثور سؤال مهم: هل من المناسب أن يمتهن الفنان السياسة؟

من جهة، للفنان مكانة خاصة في قلوب الناس، فالفن يعكس نبض الشارع ويجسد هموم الناس بلغة قريبة منهم. لذلك، قد يبدو منطقياً أن يتوجه بعض الفنانين إلى السياسة، باعتبارهم أكثر دراية بما يعانيه الجمهور. وبالفعل، هناك تجارب ناجحة لفنانين تحولوا إلى سياسيين مؤثرين، وقدموا خدمات ملموسة لمجتمعاتهم.

لكن من جهة أخرى، تظل السياسة مجالاً معقداً يتطلب خبرات متخصصة، ومهارات لا تتوفر بالضرورة لدى الفنان. حين يدخل الفنانون السياسة دون استعداد كافٍ، فإنهم قد يتحولون إلى رموز دعائية تفتقر إلى المضمون، أو قد يستخدمون شهرتهم في خدمة أجندات لا علاقة لها بالمصلحة العامة. وهذا يُضعف من قيمة العمل السياسي، ويزيد من خلط الأدوار في المجتمع.

كذلك، قد تؤثر السياسة سلباً على الفن ذاته. فحين يتحول الفنان إلى سياسي، يخسر شيئاً من حريته واستقلاليته الفنية، وقد يضطر إلى الانحياز أو ممارسة الرقابة الذاتية، مما ينعكس سلباً على إبداعه ورسائله الفنية.

في النهاية، ليس هناك ما يمنع الفنان من دخول عالم السياسة، لكن على من يختار هذا الطريق أن يتحلى بالمسؤولية والمعرفة اللازمة، وألا يعتمد فقط على شهرته الفنية. فالسياسة فنّ آخر، لكنه أكثر خطورة وتأثيراً، ولا يحتمل الأداء الارتجالي.

بقلم سمية مسرور

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.