الصحراء المغربية لا تحتاج إلى من يدافع عنها خارج حدودها، بل يكفي أن يتكلم أبناؤها باسمها، كما فعلوا في إسطنبول، وكما يفعلون كل يوم على أرضها… بكرامة، بسيادة، وبمستقبل يُكتب بأيديهم، لا بأقلام الغير.

الحصاد 36025 مايو 2025آخر تحديث :
الصحراء المغربية لا تحتاج إلى من يدافع عنها خارج حدودها، بل يكفي أن يتكلم أبناؤها باسمها، كما فعلوا في إسطنبول، وكما يفعلون كل يوم على أرضها… بكرامة، بسيادة، وبمستقبل يُكتب بأيديهم، لا بأقلام الغير.

هل يمكن أن تظل “الوصاية السياسية” على الصحراويين قدرًا محتوما؟
وهل يجوز أن يُختزل صوت أهل الصحراء في جهة واحدة، وتُكمم الأفواه باسم “التمثيل”؟
ثم، ألم يحن أوان أن تراجع بعض المنظمات الدولية فهمها للمشهد، وتضع يدها على الحقيقة كما هي لا كما يُراد لها أن تكون؟

هذه الأسئلة وغيرها لم تعد ترفًا نظريًا أو تمرينًا دبلوماسيًا. لقد تحوّلت، مؤخرًا، إلى وقائع ملموسة تشهد عليها محافل أممية كبرى. وأحدثها، وأكثرها رمزية، ما وقع في إسطنبول خلال أشغال مؤتمر نساء الأممية الاشتراكية، حيث وجدت المنظمة الدولية ذات التأثير العريق نفسها أمام معادلة جديدة: لا احتكار بعد اليوم لصوت الصحراء.

فقد شكّل حضور وفد “حركة صحراويون من أجل السلام”، بما ضمه من فاعلات نسويات من أقاليمنا الجنوبية، لحظة فاصلة في مسار الاعتراف الدولي بالتعددية الصحراوية. ليس فقط لأن الحركة باتت عضوًا كاملًا داخل الأممية، بل لأن وجودها في هذا المحفل العريق كسر، بلياقة سياسية، أسطورة “الممثل الوحيد” التي لطالما روّجت لها جهات انفصالية لسنوات طوال.

هكذا، ودون افتعال صخب أو شعارات، فرض المغرب – بفضل حنكة دبلوماسيته وتبصر قيادته – إيقاعه الجديد: إيقاع الواقعية السياسية، وتعدد الأصوات، واحترام إرادة المواطن الصحراوي الحُر في التعبير عن انتمائه وتطلعاته.

لقد كانت هذه المحطة شهادة دولية إضافية على أن المغرب لم يعد فقط فاعلًا يحاور، بل مرجعية يُصغى إليها. وتلك هي ثمرة رؤية ملكية متبصرة، يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، بثبات العارف وخطى الدولة التي تُراكم الإنجازات بعيدًا عن الضجيج، وتردّ بالحجة، وتنتصر بالمؤسسات، وتصون وحدتها الوطنية بمزيج من الصرامة والشرعية.

وإذا كانت الأممية الاشتراكية قد قرأت من جديد خريطة التوازنات داخل الصحراء، فإنها بذلك لم تنحز لطرف دون آخر، بل انحازت لمبدأ: مبدأ التعددية، والتعبير السياسي، ورفض الوصاية الأيديولوجية باسم الشعارات.

إن مشاركة نساء من الجنوب المغربي، ممن حملن رسائل السلام والمبادرات السياسية الناضجة، أمام نخبة من رموز اليسار الدولي، ليست مجرد حضور رمزي. إنها – في عمقها – تجسيد لإرادة شعب وشرعية دولة ومآلات مشروع وطني متكامل.

ختامًا… تتأكد الحقيقة التي طالما آمن بها المغاربة: أن السيادة لا تُهدى، وأن الشرعية لا تُستجدى، بل تُصنع بالعقل، وتُكرَّس بالميدان، وتُتوَّج بالاعتراف الدولي.

لقد فتحت الأممية الاشتراكية بابًا كان مُحكم الإغلاق، لكنها لم تفعل ذلك مجاملة، بل انطلاقًا من قراءة جديدة للواقع… واقعٍ اسمه المغرب، وقيادةٍ اسمها محمد السادس نصره الله.

فالصحراء المغربية لا تحتاج إلى من يدافع عنها خارج حدودها، بل يكفي أن يتكلم أبناؤها باسمها، كما فعلوا في إسطنبول، وكما يفعلون كل يوم على أرضها… بكرامة، بسيادة، وبمستقبل يُكتب بأيديهم، لا بأقلام الغير.

وهنا تتجلى عظمة الوطن: حين يتحوّل من قضية في دهاليز السياسة… إلى نموذج يُحتذى في هندسة الاستقرار والشرعية.

الصحراء مغربية… ومَن لم يفهمها بالأمس، فها هو يسمعها اليوم بصوتٍ واضح، أمميٍ، واثقٍ… مغربي.

بقلم سمية مسرور

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.