بقلم سمية مسرور
في خطوة تحمل الكثير من الرمزية والدلالة، تم تعيين الإعلامية المغربية زهور حميش على رأس القناة الثقافية التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (SNRT)، خلفًا لعبد الصمد بنشريف. ويأتي هذا التعيين تتويجًا لمسار إعلامي طويل وحافل، بصمت خلاله زهور حميش على تجربة استثنائية تمزج بين المهنية والالتزام الثقافي والبيئي.
امرأة من طراز خاص
منذ بداياتها في تسعينيات القرن الماضي، تميزت زهور حميش بأسلوب رصين ورؤية واضحة للإعلام باعتباره أداة للمعرفة والتنوير لا مجرّد وسيلة لنقل الأخبار. انطلقت من الإذاعة المغربية، حيث بصمت على حضور قوي من خلال برامج باللغتين الإنجليزية والفرنسية، تمحورت حول البيئة، التنمية المستدامة، والتراث الثقافي، وهي مواضيع لم تكن يومًا من السهل معالجتها بلغة إعلامية جاذبة.
مسيرة إعلامية متنوعة
تنوّعت تجارب حميش بين الصحافة المكتوبة والمرئية، وبين الإعلام العمومي والخاص، من إذاعة وتلفزيون المغرب إلى قناة أبو ظبي، ثم “ميدي 1 تيفي”، حيث اشتهرت ببرامج حوارية مثل “بدون حرج” و**”أزمة حوار”**، التي استضافت خلالها مثقفين، مسؤولين، وفاعلين مجتمعين في قضايا آنية ومفصلية.
كما تولّت دور الوسيط الإعلامي في SNRT لأكثر من عقد، حيث كرّست جهودها لمدّ جسور الثقة بين المؤسسة وجمهورها، ما منحها فهمًا عميقًا لانتظارات المشاهد المغربي وهمومه الإعلامية.
اعترافات وجوائز
زهور حميش ليست فقط إعلامية مهنية، بل صوت مؤثر في الإعلام العلمي والبيئي على مستوى العالم العربي والمتوسطي. نالت جائزة الحسن الثاني للبيئة سنة 2004، وشاركت كعضوة في لجان تحكيم محلية ودولية، أبرزها جائزة الصحفيين الشباب، وجائزة البيئة الوطنية، فضلًا عن عضويتها في مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة.
الإعلام الثقافي في أيادٍ أمينة
تعيين زهور حميش مديرة للقناة الثقافية هو إعلان واضح عن توجه جديد يروم تعزيز الإنتاج الثقافي الجاد، وفتح نوافذ جديدة نحو التنوير والمعرفة في زمن يزداد فيه الضجيج الإعلامي وتتراجع فيه مضامين الجودة. فهي لا تنتمي إلى “النجومية الإعلامية” الشكلية، بل إلى مدرسة العمق والمحتوى الهادف، وهو ما يجعلها مؤهلة لإعادة رسم ملامح القناة الثقافية، على أسس تجمع بين الأصالة والتحديث.
أفق جديد للإعلام العمومي
في لحظة وطنية تبحث فيها المؤسسات عن قيادات تحمل الرؤية والكفاءة معًا، يحقّ لنا أن نُراهن على زهور حميش كصوت نسائي مثقف، هادئ، ومتجذر في قضايا المجتمع المغربي. والأمل كبير أن تُشكّل قيادتها للقناة الثقافية منعطفًا نوعيًا يُعيد الاعتبار للإعلام العمومي بوصفه شريكًا في التنمية، لا مجرد ناقل للحدث.