حين تصبح الأم أبًا وأمًا:
قصة النساء اللائي اخترن أن يحملن وحدهن ثقل الحياة ومسؤولية الأبوة في عالم لا يعترف إلا بالقوالب التقليدية
الأبوة: هل هي حق مقتصر على الرجال؟
في كل مرة يحلّ فيها عيد الأب، نُقادَم على صورة نمطية: رجل يحمل طفله، يدعمه، ويمنحه الحماية والحنان. هذه الصورة الراسخة في الأذهان لا تعكس واقع ملايين الأطفال الذين نشأوا دون أب بيولوجي حاضر، بل تحت رعاية أمهات تحملن مسؤولية الأب والأم معًا.
فهل الأبوة حق حصري للرجال؟ أم أن الأبوة فعل أكبر من مجرد جنسية أو جنس؟ الأبوة مسؤولية، اختيار، وعطاء يتخطى كل الحدود والقيود.
الأم الحاضنة والكافلة: عندما تختار أن تكون الأب
تتحدث هذه القصة عن الأمهات الحاضنات، والكافلات، اللواتي لم يقفن أمام غياب الأب أو غيابه المؤلم.
اختارن أن يملأن الفراغ الذي تركه غياب الأب، وأن يوفّرن لأطفالهن أمانًا لا يقل عن أمان الأب.
حينما لا يتوفر الأب، تصبح الأم كل شيء: الحضن، الحنان، القوة، والحزم.
تختار أن تكون القوة التي تحمي، واليد التي تهدئ، والقلوب التي تزرع الأمل في نفوس صغارها.
الصعوبات والتحديات: كيف تصنع الأم هذه المعجزة؟
الحياة لم تكن سهلة على هؤلاء الأمهات، خاصة في مجتمعاتنا التي تحكمها التقاليد والأعراف الصارمة.
الأم الحاضنة تواجه تحديات قانونية واجتماعية، وأحيانًا تنظر إليها بعين الشك أو العتاب، لكنها تبقى صامدة، تتجاوز كل المحن.
تحارب من أجل أطفالها بوعي تام، وتؤمن بأن كل لحظة تعب هي استثمار في مستقبل مشرق لأولادها.
هذه الأم لا تنتظر تكريمًا، بل تستمد قوتها من نظرة طفلها وثقته التي تولد يومًا بعد يوم.
الأبوة ليست بالدم بل بالحب والاختيار
لقد أظهرت تجارب الكفالة والاحتضان أن الأبوة ليست بالضرورة دمًا يحمل اسماً أو لقبًا.
الأبوة هي قرار يُتخذ، هو حضور دائم، هو وفاء غير مشروط.
ومن هذا المنطلق، فإن الأم التي اختارت الاحتضان أو الكفالة تحق لها أن تحمل لقب الأب أيضًا، لأنها تصنع الأبوة بحبها، وصبرها، وتضحياتها.
عيد الأب: فرصة لإعادة تعريف الأبوة
في عيد الأب، يجب أن نعيد النظر في المفاهيم الضيقة التي تحدد من هو “الأب” ومن يستحق الاحتفال به.
يجب أن نتذكر أن هناك أمهات قدمن للعالم دروسًا في الأبوة الحقيقية،
وأثبتن أن الأبوة ليست بوجود رجل فقط، بل هي برؤية، وعطاء، وحضور.
وهذا العيد فرصة لتكريم كل من اختار أن يكون الأب، حتى لو لم يحمل اللقب.
رسالة إلى كل أمٍ حملت العبء وحدها
إلى كل امرأة كانت أمًا وأبًا، حضنت، ربّت، وقادت بكل حب وصبر:
أنتِ النجم الذي لا يخبو في سماء الحياة.
أنتِ الصوت الذي يهمس للطفل: “أنا هنا، لن أتركك وحيدًا.”
في عيد الأب، نرفع لكِ القبعة، ونعانق روحك القوية، ونشكر قلبك الكبير الذي لم يعرف التعب.
عيد الأب هو عيد لكل من قدم الأبوة بصدق، بغض النظر عن الاسم أو الجنس.
ولذلك، في هذا اليوم، نحتفي بالأمهات اللائي اخترن أن يكنّ أكثر من أم، كنّ أبًا بكل ما للكلمة من معنى.
كل عام وأنتنّ بخير، ولكم منا كل الحب والاحترام.
بقلم سمية مسرور