في الخامس والعشرين من يونيو، يحتفل العالم بـ اليوم العالمي للبحّار، تقديرًا للرجال والنساء الذين يواجهون الأمواج والغياب عن أوطانهم، من أجل إبقاء سلاسل الإمداد العالمية حيّة ومتصلة. هذا اليوم ليس مجرد تاريخ، بل لحظة اعتراف بمهنة صامتة لا تراها الكاميرات، ولكن يلمسها كل بيت وسوق وميناء.
وفي هذه المناسبة العالمية، تميّزت كلمة الدكتورة عائشة البوسميط، أول امرأة عربية تشغل منصب سفيرة بحرية للنوايا الحسنة لدى المنظمة البحرية الدولية (IMO) – ممثّلةً لدولة الإمارات العربية المتحدة – برسالة تحمل في طياتها التقدير والوعي والتمكين.
“أنتم الأبطال الذين لا تراهم الكاميرات”
وفي تصريحها، قالت الدكتورة البوسميط:
> “في هذا اليوم العالمي، أوجّه تحية امتنان وتقدير لكل بحّار وبحّارة حول العالم، أنتم الشريان الخفي لعجلة الاقتصاد العالمي. أكثر من 1.9 مليون بحّار يواصلون عملهم في ظروف قاسية، بعيدًا عن أوطانهم وعائلاتهم. رسالتي لكم: أنتم الأبطال الذين لا تراهم الكاميرات، ولكن يشعر العالم بأثر عطائكم كل يوم. نرى تضحياتكم، وندعم الدعوات لضمان حقوقكم وسلامتكم وصحتكم الجسدية والنفسية. أنتم مصدر فخرنا، وأساس استقرار عالمنا المتصل.”
رسالة نابعة من قلب امرأة تقف في موقع قيادة دولية، وتختار أن يكون صوتها في هذا اليوم صوت من لا صوت لهم… من غابوا عن الموانئ الدافئة ليحملوا العالم على أكتافهم.
تمكين المرأة في البحر.. من الهامش إلى الريادة
لم تغفل البوسميط في حديثها أحد أكثر القضايا إلحاحًا في القطاع البحري: ضعف التمثيل النسائي، إذ رغم تطوّر الأرقام إلا أن النساء لا يُشكّلن سوى 1% من القوى العاملة في البحر، وقرابة 16 إلى 19% في المناصب الإدارية البحرية.
وأضافت:
> “تمكين المرأة في القطاع البحري ضرورة استراتيجية، وليس مجرّد شعار. بحسب تقارير IMO وWISTA لعام 2024، بلغ عدد النساء العاملات في القطاع البحري 176,820، ومع ذلك يبقى حضورهن ضئيلًا في البحر والمراكز القيادية. نحن بحاجة إلى دمج سياسات التنوع في التوظيف والترقية، وإطلاق برامج تدريب وقيادة مخصصة للنساء، إلى جانب إدراج وحدات تعليمية تُعزّز الفهم الثقافي والجندري.”
كما أكدت على أهمية رواية قصص النجاح النسائية في هذا المجال، لتحفيز الجيل القادم من الفتيات على الحلم والعمل في القطاع البحري.
ريادة إماراتية في تمثيل الصوت العربي البحري
يُعدّ تعيين الدكتورة عائشة البوسميط في هذا المنصب خطوة بارزة على مستوى المنطقة العربية، ليس فقط لرمزيته، بل لتأثيره في إعادة تشكيل الصورة الذهنية عن المرأة في القطاع البحري الدولي. فالإمارات، من خلال دعمها لهذه الكفاءة النسائية، تعزّز دورها كدولة داعمة للعدالة الجندرية والابتكار في مجالات النقل البحري.
في اليوم العالمي للبحّار، أطلقت الدكتورة عائشة البوسميط رسالة وفاء لأبطال البحر، الذين وإن غابوا عن اليابسة، لم تغب آثارهم عن كل تفصيل في حياة الإنسان الحديث.
وبين أمواج المحيطات وموانئ العالم، يعلو اليوم صوتٌ نسائيّ عربيّ، لا يكرّم فقط من في البحر… بل يُعيد رسم دور المرأة على الخريطة الزرقاء بثقة، واحتراف.
متابعة: سمية مسرور