القطاع الأزرق في المغرب: ثروة تتكلم بلغة الأرقام.. ونساء يخُضن الأمواج

الحصاد 36025 يونيو 2025آخر تحديث :
القطاع الأزرق في المغرب: ثروة تتكلم بلغة الأرقام.. ونساء يخُضن الأمواج

في كل 25 يونيو، يحتفي العالم بالبحّارة. وفي المغرب، لا يقتصر البحر على كونه أفقًا جغرافيًا أو موردًا طبيعيًا، بل أصبح اليوم قلبًا نابضًا لاقتصاد متنوع يُسمى بـ القطاع الأزرق. قطاع يُعبّر بالأرقام، ويُنقش بعرق الرجال والنساء الذين لا يُرَون في نشرات الأخبار، لكنّهم موجودون في كل حبة ملح، وكل سَردينة في السوق، وكل موجة على الساحل.

أرقام تتحدث عن بحر من الفرص

يمتد الساحل المغربي على أكثر من 3,500 كيلومتر، ويُعدّ من الأطول في إفريقيا، وهو ما يمنح المغرب موقعًا استراتيجيًا في الاقتصاد البحري. وتشير بيانات وزارة الصيد البحري إلى أن:

المغرب يُنتج أكثر من 1.4 مليون طن من المنتجات البحرية سنويًا.

170,000 شخص يعملون مباشرة في قطاع الصيد البحري، وقرابة 700,000 مستفيد بشكل غير مباشر.

صادرات المنتجات البحرية تُمثّل أكثر من 50% من صادرات الصناعات الغذائية، بعائد يُقدّر بـ 25 مليار درهم سنويًا.

المغرب هو أول مصدر بحري في إفريقيا، ومن بين أكبر 25 دولة في العالم في هذا المجال.

الحكومة تهدف إلى أن يُساهم الاقتصاد الأزرق بنسبة 10% من الناتج الداخلي الخام بحلول 2030.

نساء يُبحرن ضدّ التيار

لكن في قلب هذه الأرقام، هناك واقع لا يزال في طور الاعتراف: المرأة المغربية في القطاع الأزرق.

رغم أن القطاع ظلّ لسنوات يُنظر إليه على أنه مجال “ذكوري”، فقد اقتحمت النساء المغربيّات مجالات العمل البحري بمثابرةٍ وإرادة. نذكر منهن:

بحّارات يشتغلن في التنظيف والتجهيز والتصبير في الموانئ الكبرى مثل الداخلة وأكادير والعرائش.

نساء يعملن ضمن تعاونيات نسوية لصيد وجمع الطحالب والأعشاب البحرية، ويشكلن اليوم نماذج حية لاقتصاد اجتماعي ناجح، خاصة في آسفي والجديدة.

نسبة النساء في الصناعات المرتبطة بالبحر (التعليب، التحويل، التسويق) تصل إلى أكثر من 40% من اليد العاملة، ما يعكس حضورًا نوعيًا في سلسلة القيمة الزرقاء.

بعض النساء أصبحن ربّانات قوارب تقليدية أو مسؤولات في إدارات الموانئ البحرية — خرقن الصورة النمطية، وكتبن فصولًا جديدة من التمكين المهني والبحري.

ورغم ذلك، لا تزال التحديات قائمة: تمييز أجري، ضعف التكوين، غياب التغطية الاجتماعية الكافية، وصعوبات في الجمع بين العمل والأسرة في بيئة مهنية صعبة.

بحرٌ من الإمكانات.. ومسؤولية جماعية

في اليوم العالمي للبحّار، علينا أن نوسّع الرؤية: فالحديث ليس فقط عن البحر، بل عن الإنسان — والمرأة — التي تعمل فيه. إن القطاع الأزرق في المغرب ليس مجرد اقتصاد بحري، بل مجال للعدالة الاجتماعية، والتمكين المهني، والاعتراف بكفاءة نساء خضن غمار البحر بكثير من الصبر، وقليل من الضوء.

هذا اليوم دعوة لتثمين هذه الثروة، لا فقط بالأرقام، بل بالقرارات. فمستقبل المغرب الأزرق مرهون بقدرتنا على الاستثمار في موارده الطبيعية والبشرية، رجالًا ونساءً، على حدّ سواء.

بقلم سمية مسرور

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.