حنان زهدي.. سمراء الشاشة المغربية التي لم تخذل الدراما يوماً

الحصاد 36012 يوليو 2025آخر تحديث :
حنان زهدي.. سمراء الشاشة المغربية التي لم تخذل الدراما يوماً

في عالم يشهد تغيرات مستمرة على مستوى التمثيل والدراما، تظل بعض الأسماء شامخة بموهبتها وثبات اختياراتها، ومن بين هذه الأسماء تتألق حنان زهدي، الفنانة المغربية التي صنعت لنفسها طريقًا خاصًا، جسّدت فيه المرأة المغربية بكل تعقيداتها، قوتها، وهشاشتها، دون أن تفقد صدقها أمام الكاميرا.

وُلدت حنان زهدي في الدار البيضاء عام 1978، ودرست الفنون والإنفوغرافيا قبل أن تُكمل تكوينها في هندسة الديكور، ما منحها حسًا بصريًا ووعيًا درامياً انعكس على أدوارها. لم تبدأ مشوارها الفني من بوابة الصدفة، بل من خلال إعلان تلفزيوني سنة 1997، كان كافيًا لتُدرك أن مكانها الحقيقي هو أمام العدسة، في عمق الحكاية، لا على هامشها.

بصمة مختلفة في كل ظهور

دخلت حنان عالم الدراما من خلال مسلسل “الكمين” للمخرجة فاطمة بوبكدي، وكانت بدايتها توحي بأن موهبة حقيقية تُولد، وأن صوتًا مختلفًا ينضم إلى أصوات الممثلات المغربيات اللواتي يخضن غمار الفن بوعي وشغف. ما ميّز زهدي هو قدرتها على مزج البساطة بالقوة، والعفوية بالتحكم، فكانت شخصياتها دائمًا نابضة بالروح.

أعمالها تعددت بين التلفزيون والسينما، من “القضية” إلى “زطاط”، ومن “الحريم” إلى “عود الورد”، لكنها لم تسعَ يومًا إلى الحضور من أجل الحضور فقط. بل اختارت الندرة على التكرار، والعمق على الاستهلاك، ما جعل من كل ظهور لها حدثًا فنيًا حقيقياً.

عودة قوية بفيلم “بيت الحجبة”

في ماي 2024، شكّلت عودتها إلى السينما من خلال فيلم “بيت الحجبة” منعطفًا جديدًا في مسيرتها. الفيلم، الذي يُمزج بين الواقعي والرمزي، شهد تألق زهدي في دور “تودا”، المرأة الأمازيغية التي تجسّد الأمومة والصبر والحكمة الشعبية. الدور تطلّب جرأة فنية وتجسيدًا غير تقليدي، فكان شاهدًا جديدًا على قدرة زهدي على إعادة اختراع نفسها دون أن تفقد ملامحها الأصلية.

موقف واضح من “الجرأة” والفن النظيف

ليست فنانة تُهادن الآراء السطحية. صرّحت في أكثر من مناسبة بأنها لا تؤمن بمصطلح “الفن النظيف”، معتبرة أن الفن إما أن يكون صادقًا أو لا يكون. هذا الموقف منحها احترامًا وسط جمهور يبحث عن فن ناضج، ووسط زملاء يقدّرون الموقف بقدر ما يقدّرون الأداء.

الهوية أولاً.. حتى من المهجر

ورغم استقرارها في فرنسا لسنوات، لم تقطع زهدي حبلها السري مع الوطن، وظلت وفية للهجة المغربية، وللزي التقليدي، وللثيمة المحلية التي تحضر دومًا في اختياراتها. حنان زهدي ليست فقط فنانة، بل صوت نسائي ناعم وقوي في آن، يُعبّر عن المرأة المغربية في طبقاتها المختلفة.

في زمن تُستهلك فيه الموهبة بسرعة، وتُنتَج فيه الأعمال بلا روح أحيانًا، تظل حنان زهدي ورقة رابحة للدراما المغربية، وشاهدًا على أن الفن الحقيقي لا يحتاج إلى ضجيج، بل إلى صدق، وهو ما ظلّت تقدمه في كل دور، وكل ظهور، وكل صمت أبلغ من الكلام.

بقلم: سمية مسرور

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.