متابعة ؛ حمزة شربار
عرفت فعاليات النسخة الرابعة عشرة من مهرجان الوطية الصيفي، تنظيم ندوة المهرجان بمدرج معهد التكنولوجيا التطبيقية للصيد البحري الوطية عشية الثلاثاء 19 غشت 2025 حول موضوع: “التنشيط الثقافي والسياحي وفرص التنمية متعددة الأبعاد..فضاء الوطية الساحلي نموذجا”.
إذ عرفت الندوة حضور الكاتب العام لعمالة إقليم طانطان علي بوقسيم، وباشا الوطية المحجوب الدفالي، ورئيس جماعة الوطية نافع الوعبان إلى جانب المنتخبين وفعاليات المجتمع المدني. افتتحت أشغال اللقاء بتحية العلم الوطني، ثم أعطى رئيس جماعة الوطية نافع الوعبان الكلمة الافتتاحية مرحباً بالحضور ومؤكدا على أهمية جعل البعد الثقافي والفني في صلب استراتيجية التنمية السياحية بالمنطقة.
توزعت المداخلات بين نخبة من الباحثين والأساتذة الجامعيين والفنانين، حيث توقف الأستاذ عبد اللطيف الصافي، المخرج المسرحي، عند إشكالية العلاقة بين الثقافة والتنمية، مؤكدا على ضرورة اعتبار الثقافة بعدا اقتصاديا مساهما في خلق الثروة. أما الدكتور نورالدين أواه، أستاذ باحث في النقد، فقد تطرق إلى رهانات التنمية الثقافية وأبعادها المجتمعية. ومن جانبه قدم الدكتور والشاعر أحمد الحريشي رؤية فكرية وشعرية أكد من خلالها أن أي تنوع ثقافي أو فني يشكل رافعة أساسية للتنمية السياحية، لكنه يحتاج إلى حوكمة فعلية تقوم على التخطيط الاستراتيجي. ودعا في هذا السياق إلى بلورة ميثاق ثقافي يجمع مختلف الفاعلين من أجل صياغة رؤية موحدة، وتوزيع الأنشطة الثقافية بشكل متوازن على مدار السنة، مع إحداث مرصد ثقافي لتتبع وتقييم هذه المبادرات وضمان أثرها المستدام.
كما ركزت الدكتورة ليلى ضالع، مكلفة بمهمة بمجلس جهة كلميم وادنون، على الانتقال من النص القانوني إلى الفعل الترابي عبر القوانين المنظمة للجهات وأهمية التنزيل الترابي السليم. وناقش الدكتور سعيد بوفريوى، أستاذ باحث في المالية العمومية، سبل ابتكار موارد مالية غير تقليدية لدعم المبادرات الثقافية والسياحية. في حين أبرز الأستاذ مولاي علي أطويف، الفنان التشكيلي والفاعل الثقافي، أهمية دمج الفنون البصرية في التسويق الترابي وتعزيز الهوية المحلية.
أكد المتدخلون جميعا على أن التنمية الثقافية والسياحية لا تقتصر على البعد الاقتصادي، وإنما تشمل أبعادا اجتماعية وبيئية وثقافية، مشددين على ضرورة إدماج الصناعات الثقافية والإبداعية في السياسات العمومية باعتبارها محركا للنمو وخلق فرص الشغل، واستحضار تجارب رائدة مثل مهرجان أصيلة الذي حول مدينة هامشية إلى مركز ثقافي عالمي، مع إحداث صندوق وطني لدعم الصناعات الإبداعية وتوثيق المواقع الثقافية عبر الفنون والحرف والصناعات التقليدية. كما تمت الدعوة إلى الاستفادة من التجارب الدولية في التسويق الترابي والذكاء الترابي، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وإبراز خصوصيات التراث المحلي بجهة كلميم وادنون، خصوصا الممارسات البحرية والموروث الشفهي، والاعتراف بالدور الاقتصادي للمهرجانات الصيفية الوطنية في التبادل الثقافي وتحريك الدورة الاقتصادية المحلية، فضلا عن دعم الفنانين والمبدعين المحليين لضمان استدامة المبادرات الثقافية.
خلصت الندوة في النهاية إلى أن الاستثمار في الثقافة والفن ضرورة للتنمية المستدامة، داعية إلى اعتماد مقاربة تشاركية تجعل من الثقافة والسياحة رافعتين أساسيتين لإقلاع تنموي متوازن بإقليم الطانطان والجهة ككل. واختُتم اللقاء بفتح باب النقاش أمام الحاضرين، أعقبه حفل توزيع تكريمات على الأساتذة المحاضرين، تقديرا لمساهماتهم في إنجاح هذا الموعد الثقافي والفكري.