تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده انعقدت بالسجن المحلي ببويزكارن يومي 25 و 26 مارس 2025 الجامعة في السجون في دورتها الرابعة عشر و التي اختير لها كموضوع
“المسؤولية الاجتماعية للمقاولات والمؤسسات ودورها في ترسيخ الشراكات التنموية مع الفاعلين: المؤسسات السجنية نموذجًا” تجسيدًا لاتفاقية الشراكة الموقعة بين جامعة ابن زهر
والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ومؤسسة محمد السادس لإعادة
الإدماج بتاريخ 8 فبراير 2024.
ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والجهات السجنية،
عبر تنظيم ورشات تدريبية وجلسات علمية تُركِّز على تمكين النزلاء اقتصادياً
واجتماعياً، وإبراز دور الشراكات التنموية في دعم إعادة إدماجهم، كما تسعى إلى
تسليط الضوء على المسؤولية الاجتماعية للجامعات والمؤسسات في تصميم برامج
تلامس احتياجات الفئات الأكثر هشاشة، وتُساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد تميز اليوم الأول بتنظيم أربع ورشات تكوينية خصصت لنزلاء المؤسسة السجنية
بويزكارن، استهدفت تعزيز مهاراتهم وتمكينهم اقتصادياً واجتماعياً كجزء أساسي من
إعادة إدماجهم في المجتمع، بحيث أطرت الورشة الأولى من طرف ممثل المنسقية
الجهوية لوكالة التنمية الاجتماعية، وركزت على “المقاولة الاجتماعية ورهان التمكين
الاقتصادي”، وناقشت آليات تحويل الأفكار إلى مشاريع مُنتجة تدعم الاستقلال المالي؛
أما الورشة الثانية فأدارها ممثل المديرية الجهوية للتخطيط، وعرضت تحليلاً لأهداف
التنمية المستدامة في ضوء نتائج الإحصاء العام 2024 ،مع تسليط الضوء على كيفية
مساهمة النزلاء في تحقيق هذه الأهداف محلياً؛ في حين تم تأطير الورشة الثالثة من طرف ممثل الوكالة الجهوية لإنعاش الشغل والكفاءات وتضمنت تدريبات حول رفع
قابلية التشغيل والمبادرات المدرة للدخل، مع التركيز على مهارات سوق العمل الحديثة
وفرص العمل الحر؛ بينما تناولت الورشة الرابعة، التي أشرف عليها طالب الدكتوراه
تقي الدين رملي، موضوع “التجارة الإلكترونية وإعادة الإدماج المهني” وتم فيها تقديم
أدوات عملية لاستثمار المنصات الرقمية في بناء المشاريع الصغيرة.
وقد جاءت هذه الورشات كخطوة لتعزيز الشراكة بين الجامعة والمؤسسات السجنية،
حيث حرصت على توفير معارف تطبيقية تلامس احتياجات النزلاء الواقعية، وتفتح
آفاقاً جديدة للتأهيل المهني والاندماج المجتمعي. كما أن تنوع مؤطريها ( جهات
حكومية وأكاديميون) يؤكد على أهمية التكامل بين السياسات التنموية والبرامج
التعليمية لتحقيق تأثير ملموس في حياة المشاركين، مما يعكس التزام الجامعة والمؤسسات الشريكة بدورها الاجتماعي في بناء مستقبل مستدام للفئات الأكثر هشاشة.
أما الجلستين العلميتين لليوم الثاني من البرنامج فقد تميزت بتنوع المداخلات فيها،
وسلطت الضوء على قضايا مرتبطة بالمسؤولية الاجتماعية للجامعات والمؤسسات،
ودورها في إعادة إدماج السجناء، بالإضافة إلى آليات التنمية المستدامة والتمكين
الاقتصادي؛ بحيث تم في الجلسة الأولى، مناقشة دور المندوبية السامية للتخطيط
في تفعيل برامج التنمية الجهوية والمحلية، وأهمية إدماج الساكنة السجنية في خطط التنمية
المستدامة، كما تم التطرق إلى مساهمات مجلس الجهة في دعم المؤسسات السجنية
عبر مشاريع تنموية. بالإضافة إلى ذلك، تم تحليل تأثير الاعتقال الاحتياطي على
شراكات إعادة الإدماج، مع تسليط الضوء على دور الجامعات في تأهيل السجناء من
خلال برامج تعليمية وتدريبية. كما تمت مناقشة المسؤولية الاجتماعية للجامعات في
خدمة إعادة دمج السجناء، مع تقديم أمثلة عملية.
أما الجلسة الثانية، فتم التركيز فيها على دور وكالة التنمية الاجتماعية في تعزيز
التمكين الاقتصادي للنساء، وكيفية تفعيل نظام المقاول الذاتي كآلية لإعادة الإدماج. كما
تمت مناقشة التفاعل بين الفصل الاجتماعي المكاني وعلم الجريمة، ودور السجناء في دعم الاقتصاد الوطني من خلال التأهيل والإنتاج. وبالإضافة إلى ذلك، تم تحليل
المسؤولية الاجتماعية للشركات في تعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي، مع تقديم
رؤى حول كيفية استفادة السجناء من هذه المبادرات. النقاشات التي تلت المداخلات
أظهرت تفاعلاً كبيراً من الحضور، حيث تم طرح أسئلة واستفسارات حول كيفية تطبيق
الأفكار المقترحة على أرض الواقع، مع التركيز على التحديات التي تواجه عملية إعادة
الإدماج وسبل التغلب عليها.
في الختام تم التأكيد من خلال التقرير النهائي التي تلته على مسامع الحضور إطار عن كلية الإقتصاد والتدبير بكلميم على أن هذه الأيام الدراسية كانت فرصة قيمة لتبادل الأفكار
والخبرات حول موضوع المسؤولية الاجتماعية ودورها في إعادة إدماج السجناء،
وأبرزت بوضوح بأن إعادة الإدماج ليست مجرد شعار يرفع، بل التزام إنساني وعقد
اجتماعي بين جميع الأطراف؛ ذلك أن ورشات التمكين الاقتصادي زرعت بذور
الاستقلال المالي، ونسجت المداخلات العلمية خيوطاً بين التنمية المستدامة والعدالة
الاجتماعية؛ بحيث إن كل جلسة كانت لبنةً في صرحٍ يُعيد تعريف دور المؤسسات في
بناء مجتمعٍ شامل، يُصبح السجين فيه شريكاً في التنمية، لا مُجرد رقمٍ في
إحصائية.
كما أن النقاشات التي جمعت الأكاديميين وممثل المؤسسات من جهة والنزلاء من جهة
أخرى، كشفت أن الحلول تَنبُت من أرضية التعاطف والفهم المشترك. بحيث لم يتم فقط
تبادل المعرفة وإنما الإرادةَ لكتابة فصلٍ جديدٍ من العدالة الاجتماعية، حيث تُصاغ
الفرص بيدٍ تُحارب الإقصاء وتُعانق الإنسانية .
اختتمت الجامعة بتلاوة برقية ولاء للسدة العالية بالله من طرف السيد مدير المؤسسة السجنية بويزكارن و اقامة حفل إفطار جماعي على شرف الحضور.
فعاليات الاختتام لبرنامج الجامعة السجون بويزكارن بحضور الكاتب العام والوفد الرسمي
