الشباب والتغيير السياسي.. زمن المبادرة لا الانتظار

الحصاد 3604 مايو 2025آخر تحديث :
الشباب والتغيير السياسي.. زمن المبادرة لا الانتظار

في زمن التحولات السريعة، لم يعد بإمكان الشباب أن يقفوا على الهامش. فبين عالمٍ يُعاد تشكيله على وقع الأزمات والتحديات، وبين أنظمة تبحث عن الشرعية من بوابة المشاركة، يبرز صوت الشباب بوصفه الوقود الحقيقي لأي تغيير سياسي حقيقي.

لطالما ارتبط مفهوم التغيير السياسي بفئات عمرية متقدمة، أو نخب تقليدية تحتكر أدوات القرار. لكن الواقع يشهد تحوّلًا متسارعًا؛ حيث بات الشباب قوة ضغط، وكتلة حرجة لا يُستهان بها، خصوصًا في زمن التكنولوجيا والانفتاح الرقمي. من ساحات الجامعات، إلى الحملات الرقمية، إلى صناديق الاقتراع حين تُفتح، يؤكد الشباب أنهم ليسوا “جيل المستقبل”، بل فاعلو الحاضر.

وفي السياق المغربي، تكشف الإحصاءات حجم الهوة بين الشباب والسياسة. فحسب دراسة لمعهد بروميثيوس، عبّر نحو 86% من الشباب المغربي عن عدم رضاهم عن أداء الأحزاب السياسية، فيما سجّل المرصد الوطني للتنمية البشرية مستوى ثقة ضعيف جدًا للشباب في المؤسسات السياسية. أما المشاركة الانتخابية، فرغم بلوغها 50.18% في انتخابات 2021، إلا أن النسبة الدقيقة لمشاركة الشباب تظل غائبة، في مؤشر على غياب التتبع الممنهج لتمثيلية هذه الفئة في العملية السياسية.

أما داخل الأحزاب والمؤسسات المنتخبة، فلا تزال تمثيلية الشباب محدودة، حيث يطغى الحضور التقليدي على اللوائح الانتخابية، مع بعض الاستثناءات غير الكافية لتأسيس تحول حقيقي.

ورغم هذا الواقع، برزت مبادرات شبابية تحاول إعادة ربط العلاقة بين الجيل الجديد والسياسة، عبر أنشطة مدنية، ومشاريع تشاركية، وبرامج تكوين سياسي، وإن كانت هذه المبادرات لا تزال في حاجة إلى دعم فعلي ومؤسساتي.

التحدي الأكبر إذًا، ليس فقط في مشاركة الشباب، بل في إقناعهم بأن السياسة يمكن أن تكون فضاءً نزيهًا للتأثير والتغيير، لا مجرد لعبة مصالح مغلقة على فئة محددة. آن الأوان لأن يُفتح المجال أمام الطاقات الشابة لاستخدام أدوات السياسة بمفهومها النبيل: خدمة الصالح العام، والمساهمة في بناء أوطان لا تهمّش، بل تحتضن.

فالسياسة ليست نخبًا تتصارع، بل وعيًا يُبنى، ومسؤولية تُمارس. والشباب، بما يملكونه من حيوية وطموح، هم الأقدر على إعادة المعنى للسياسة، وتحويلها من لعبة مغلقة إلى مشروع جماعي للتغيير.

بقلم الصحفية سمية مسرور

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.