سفيان رحيمي.. عندما يصير الولد المغربي قصيدة كروية تمشي على العشب

الحصاد 3602 يونيو 2025آخر تحديث :
سفيان رحيمي.. عندما يصير الولد المغربي قصيدة كروية تمشي على العشب

في مثل هذا اليوم، لم يولد فقط لاعب كرة قدم… بل وُلد حُلم مغربي صغير، كان يركض حافيًا في أزقة الحي، يراوغ ظلال الحيطان، ويحلم أن يكون يومًا ما سببًا في فرحة وطن.
اليوم، يحتفل سفيان رحيمي بعيد ميلاده… ويحتفل معه ملايين المغاربة الذين يرون فيه أكثر من مجرد جناح يُسجل ويصنع، بل روحًا تُقاتل وتُخلص وترفض أن تخذل.

من حي الرحمة بالدار البيضاء، خرج فتى يحمل اسمًا يبدو عاديًا في الوهلة الأولى… “سفيان”، لكن الأيام ستجعل من الاسم راية تُرفع في المدرجات، وهتافًا يُردّد في الملاعب من المغرب إلى الخليج.

كثيرون لعبوا، لكن قليلون فقط استطاعوا أن يصنعوا علاقة وجدانية مع الجماهير.
وسفيان كان من هؤلاء القلائل الذين لم يصعدوا إلى القلوب من خلال الإعلام، بل من خلال العرق، والدموع، والفرحة التي لا تُزيّف.
كان، وما يزال، ذلك النوع من اللاعبين الذين لا يُمكن أن تراهم في مباراة دون أن تشعر بصدق نواياهم.
يلعب بقلبه قبل قدمه.
يقاتل بروحه قبل جسده.
ويُحب القميص كما لو أنه وُلد به.

مع الرجاء البيضاوي، سطع نجمه. لم يكن “ابن الفريق” فقط، بل كان أحد أوفيائه، أحد الذين عجنهم الحلم الرجاوي وصقلتهم معارك الدوري الإفريقي.
في كل مرة كان يسجل، كأنّه يُعلن ولادة جديدة.
وفي كل مرة يخسر، كانت تنهيدة الجمهور تُشبه ندم الأب على ابنه… لا لأنه خذله، بل لأنه كان يستحق أكثر.

ولم يتأخر الوقت كثيرًا حتى لبّى النداء الكبير: نداء الوطن.
فدخل سفيان قميص أسود الأطلس، لا لاعبًا جديدًا، بل إضافةً حقيقية لمنظومة تملك المجد في شرايينها.
كم مرة رفع رأسه بعد هدف وقال للجمهور: “هذا منكم، وإليكم”؟
كم مرة أعاد لنا الإيمان بأن اللاعب المحلي، إذا ما أُتيحت له الفرصة، قادر أن يُبدع ويقود؟

ثم جاء الاحتراف في الخليج… في العين الإماراتي، وهناك واصل كتابة فصول جديدة من المجد، ليبرهن أن اللاعب المغربي إذا خرج من بيته، فإنه لا يفقد جذوره، بل يحملها معه ويزرعها في كل ملعب تطأه قدماه.

اليوم، في عيد ميلاده، لا نحتفل فقط بعمر… بل نحتفل بمسار، بعناد، بوفاء، بحكاية لاعب لم يُغيّره المال، ولم يُغرِه البريق.
سفيان ظل كما عرفناه: الولد المغربي الخلوق، المكافح، العاشق لقميص بلاده، ولفريقه، ولجمهوره.

في عيد ميلادك، يا سفيان، لا نُهديك شيئًا يليق بك… لأنك من الذين يُهدون الوطن لحظات عزّ لا تُنسى.
لكننا نهمس لك بصدق:

“ابقَ كما أنت… أصيلًا، نقيًا، متوهجًا. فالوطن بحاجة إلى أمثالك… إلى أبناء لا يتنكرون لأصلهم، ولا يُديرون ظهرهم لجذورهم، حتى وهم يحلقون عاليًا.”

كل عام وأنت بخير، يا سفيان.
كل عام وأنت كما نحبك: لاعبًا، وابنًا، وأيقونةً مغربية خالصة.

بقلم سمية مسرور

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.