بقلم الإعلامية فتوتة هنون
الداخلة
رغم ما تعرفه جهة الداخلة وادي الذهب من دينامية اقتصادية واستثمارات متنامية في مجالات الصيد البحري والسياحة والطاقات المتجددة، إلا أن شريحة واسعة من شباب الجهة لا تزال تعاني من التهميش والإقصاء، خاصة فيما يتعلق بولوج سوق الشغل والمشاركة في مراكز القرار الجهوي والمحلي.
يقول يوسف.م، شاب حاصل على شهادة الماستر في الاقتصاد من جامعة ابن زهر، إنه تقدم لأكثر من عشرين مباراة واختباراً مهنياً منذ ثلاث سنوات دون أن يُقبل في أي منها. “أشعر وكأن شهادتي مجرد ورقة لا قيمة لها هنا، لأن أغلب المناصب يتم تخصيصها لأشخاص من خارج الجهة”، يقول بصوت يملؤه الغبن.
مجالس منتخبة دون تمثيلية حقيقية
عدد من المتابعين المحليين يتحدثون بصراحة عن ما يصفونه بـ”التغييب الممنهج” لأبناء الداخلة في المناصب العليا والمتوسطة، سواء في المجالس المنتخبة أو الإدارات الجهوية، مؤكدين أن المجالس الجهوية والإقليمية تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية في هذا الوضع.
“لدينا شباب بكفاءات عالية في مجالات متعددة، لكن ما نراه هو استيراد أطر من خارج الجهة، غالباً في إطار علاقات الزبونية أو المحسوبية”، تقول فاطمة الزهراء.ع، فاعلة جمعوية تنشط في ملف إدماج الشباب. وتضيف: “نطالب بتمكين الكفاءات المحلية من المشاركة الفعلية في بناء الجهة، وليس الاكتفاء بالوعود الموسمية”.
مشاريع بلا أثر اجتماعي ملموس
رغم الميزانيات الضخمة التي يتم الإعلان عنها لتنمية الداخلة، إلا أن نسبة البطالة بين الشباب لا تزال مرتفعة، خصوصاً في صفوف حاملي الشهادات العليا. وغالباً ما تذهب مناصب التشغيل المؤقت أو المقاولات الممولة عبر برامج الدعم، لفئات لا تمثل فعلياً الفئات المتضررة من البطالة.
ويتساءل الكثير من شباب الجهة: “أين هي الأولوية لأبناء المنطقة؟ لماذا لا نُرى إلا كجمهور يصفق في المناسبات الرسمية؟”
دعوات للمساءلة والإنصاف
في ظل هذا الواقع، ترتفع الأصوات مطالبة بإعادة النظر في السياسات العمومية الجهوية، وجعل الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب في صلب اهتمامات المجالس المنتخبة. كما يدعو البعض إلى تخصيص نسب واضحة من مناصب التشغيل لأبناء الجهة، مع ضمان شروط النزاهة والشفافية في التوظيف.
“لا نريد أن نبقى مجرد شعارات في خطب السياسيين. نريد حقنا في وطننا، في مدينتنا، في مؤسساتنا”، يقول أحد الشباب في وقفة احتجاجية رمزية أمام مقر الجهة.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستفي المجالس المنتخبة بوعودها في جعل الشباب في قلب التنمية الجهوية؟ أم أن مسلسل التهميش سيظل مستمرًا، بوجوه وأسماء مختلفة؟