المسيرون ضد الرياضة.. الوجه الخفي للأزمة داخل الجامعة الملكية لألعاب القوى

الحصاد 36018 يوليو 2025آخر تحديث :
المسيرون ضد الرياضة.. الوجه الخفي للأزمة داخل الجامعة الملكية لألعاب القوى

بقلم: فتوتة هنون

في الوقت الذي كانت فيه الأسرة الرياضية المغربية تنتظر تفعيل رؤية استراتيجية ترقى بمكانة الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، وتضمن استمرارية إشعاعها وطنياً ودولياً، وجدت نفسها اليوم أمام اختلالات خطيرة تمس العمق التنظيمي والتدبيري للمؤسسة. اختلالات لا يمكن فصلها عن أداء ثنائي المسؤولية الإدارية داخل الجامعة، المتمثل في المدير الإداري والكاتب العام ، اللذين تحولا من أدوات للتسيير والضبط، إلى معرقلين لسيرورة العمل وضامنين لتفشي العبث الإداري والمصلحي.

فبدل أن يضطلع المدير الإداري بمهامه في تنسيق العمليات الإدارية وتنظيم العمل اليومي بكفاءة تحترم تاريخ ألعاب القوى المغربية، انشغل بتكوين فريق غير مؤهل من المسيرين اللوجيستيين لا يتوفرون على أدنى خبرة أو دراية بمجال التسيير الرياضي، هدفهم الأول ليس دعم أنشطة الجامعة، بل الالتفاف على مصالحها، والتحالف ضد الأندية والعصب الجهوية، وتهميش أي صوت يطالب بالشفافية أو يدعو للإصلاح. تحالفات مفضوحة وممارسات مرفوضة تجاوزت حدود العرقلة لتصل إلى التآمر المكشوف مع شركات معينة، في سعي إلى إبعاد الشركات المتعاقدة سابقًا وفتح الأبواب أمام صفقات تثير الشبهات وتخدم المصالح الخاصة.

كل من رفع صوته لقول كلمة حق أو عارض هذا العبث وجد نفسه محاصرًا بمشاكل مفتعلة ومضايقات مدروسة، والهدف: إسكات الكفاءات النزيهة وتهميشها، في بيئة تسودها الرغبة في السيطرة والإقصاء، وابتكار أزمات للتغطية على أخطاء إدارية فادحة يتم تحميل مسؤوليتها للآخرين بطرق هزيلة لا تليق بمؤسسة وطنية من هذا الحجم.

المأساة لا تقف عند حدود المكاتب والملفات، بل تمتد إلى الحلبات والميادين، حيث تعاني عدد من المنشآت الرياضية التابعة للجامعة من نقص خطير في المعدات الأساسية، ما يُعرض سلامة العدائين للخطر ويحرمهم من أبسط ظروف التدريب. كما تم تسجيل توقيف غير مبرر لمنح الانخراطات لعدد من الأندية رغم استيفائها للوثائق القانونية، ورفض تأسيس عصبة جهة الداخلة وادي الذهب، التي تعيش تهميشًا ممنهجًا رغم ما قدمته من أبطال على مستوى وطني ودولي، بسبب رفض غير مفهوم لقبول ملفات الجمعيات الرياضية المكونة للعصبة.

والمفارقة الصارخة أن هذه الجهة، التي تبعد آلاف الكيلومترات عن المراكز الكبرى، لا تتوفر حتى على حافلة تنقل العدائين للمنافسات، في وقت تحظى فيه باقي العصب بمثل هذه الضروريات، ما يضع المسؤولين في موقف محرج أمام تساؤلات الشارع الرياضي الجهوي: من يعرقل ومن يستفيد؟ ولماذا يُحرم الجنوب من حقه المشروع في التمثيلية والموارد؟

كما تساءلت الجمعيات الرياضية عن غياب التواصل والتجاوب مع مراسلاتها واتصالاتها الموجهة للمسؤول عن التنسيق، الذي اختار الصمت كوسيلة لتجاهل المطالب ودفن المشكلات بدل معالجتها، ما يعمّق حالة فقدان الثقة ويزيد من حدة الأزمة.

إن استمرار هذه الممارسات يهدد وحدة المؤسسة ويضرب مصداقيتها في الصميم، في وقت تحتاج فيه ألعاب القوى المغربية إلى التماسك والعمل الجماعي وإلى مسؤولين في مستوى اللحظة لا إلى من يستغلون مناصبهم لتصفية الحسابات وتوسيع رقعة الفوضى واللامسؤولية.

الرأي العام الرياضي اليوم يضع الكرة في ملعب السيد رئيس الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، الذي طالما عُرف بمواقفه الداعمة لأم الرياضات، والمأمول أن يتدخل شخصيًا لوقف هذا الانحدار، وفتح تحقيق شفاف يُحمّل كل مسؤول مسؤوليته، ويعيد الاعتبار للعدالة المؤسساتية، وللأندية التي فقدت ثقتها في الجهاز الذي من المفروض أنه يمثلها. فالمسؤولية اليوم أخلاقية وتاريخية، ومصير الرياضة الوطنية في ميزان ضمير من بيدهم القرار.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.